أقدم نصّ في نسب قبيلة التياها

تُعدّ قبيلة التياها من أعرق وأكبر القبائل العربية في جنوبيّ بلاد الشام وسيناء ، فالتياها من أكبر قبائل فلسطين ، وأقدم نصّ توفّر حول نسب هذه القبيلة العريقة ما قاله جورج أوغست فالن في يوميّات رحلته بتاريخ 17 / نيسان / 1845 م 1261 هــ في حديثه عن قبائل بلاد التيه : " التياها أكبر قبيلة في الجوار ، وهي تشغل جميع الأراضي الممتدة من النخل إلى غزّة إلى وادي العربة . ويزعم التياها أنّهم تحدرّوا من بني هلال الشهيرين الذين افتقدوا الماء في الصحراء في نزوحهم إلى شماليّ أفريقية ، فانفصل ثلاثة من شبّانهم ، معهم ثلاثة صبايا ، يقودون ثلاثة حمير تحمل قربات فارغة ــ انفصلوا عن ربعهم في طلب الماء بوادي صدر ــ قيل لي عن هذا الوادي أنّه هو الذي ينحدر من العريش بمحاذاة الساحل الغربيّ لشبه جزيرة سيناء ، والرواة يختلفون في تسميته ــ ولم يلبث الأزواج الثلاثة أن تاهوا في الصحراء واضطّروا لضرب خيامهم فيها ومعايشة سكّانها . والتياها المعاصرون لا يعرفون شيئاً عمّن كان أؤلئك السكّان القدماء .

عاش الأزواج الشبّان الثلاثة ــ وهم ورد بني هلال ــ وتكاثروا في المنطقة ، والتياها يعتبرونهم أجداد قبيلتهم وواضعي اسمها . وبنو الرشيد والحكوك هما البطنان الرئيسيّان في القبيلة ، وبنو الرشيد هم شيوخها . 
أمّا الحكوك فيقومون بزرع حقول الأرز في جوار الغزّة ونصّار ولا يبتعدون كثيرا عن قلعة النخل . ولهذه القبيلة يعود حقّ قيادة قوافل الحجّ والمسافرين حتى العقبة من جهة ، وإلى غزّة من جهة أخرى ، أو إلى أية محلّة في سورية ــ وهذه المحلّة هي الظاهرية في الغالب ــ تمكّنهم علائقهم بالقبائل المجاورة من الذهاب إليها . وفي فصل الشتاء ، وفي أعياد الفصح على الأخصّ حينما ينطلق السيّاح الأوروبيّون وقوافل المسيحيّين الأقباط من مصر إلى القدس يخيّم عرب التياها في ضواحي النخل أو ينزلون القلعة بانتظار هؤلاء المسافرين ، وهم ــ بعد الحويطات ــ أكبر القبائل العربية وأقواها في هذه المنطقة . ولا ريب في أنّهم من أصل أشرف وأعرق من سواهم ، وما يزالون على قوانين البداوة وتقاليدها أكثر من جيرانهم " .
( صور من شمالي جزيرة العرب في منتصف القرن التاسع عشر ، ص 14 ــ 15 )